نزف جروحي....
لا تهملي عبوس وجهي في حضور الألم يا حبيبتي
لا تعلني نهاية العالم فوق جثتي!!
لا تمسحي ملامحي على أريج الأقحوان فوق أغنيتي
لأنني.. لأنني... ومذ تعرَّفْتُ بعينيكِ تحوطانِ كياني
آمنت بالموت الذي يلحقني ويدفن العشق بعيني قاتلتي ويُبْعِدُ التهمةَ عن ألمي..
لا تعلني هروبنا من عالم الضياع والأرصفة المقدسة..
أنا.. وأنت.. ها هنا...
نهرب من جلودنا وجوعنا.. وذكريات العقل والشرود في ربوعنا..
أنا وأنت.. ها هنا.. لا نلتقي إلا على غيابنا..
وحين ترجعين يا سيدة الحقول والعطاءِ والحزنِ
والحزنِ الذي يحمل في دموعه بقية اللوعة في جذورنا..
ستعلنين ساعة غيابي.. أن جوعنا لا ينتهي..
وأن عينيك شبابيك غدٍ يصرخ في وجوهنا
لا..لا.. لا..تصرخي وتعلني التمرُّدَ العقليَّ في أشواقنا..
لا تصرخي.. جميلتي.. هاكِ محاريبَ دمي.. بقيةَ الشعورِ بالذنبِ
الذنبِ الذي ارتكبْتُه ساعةَ قتلِ الأُنسِ في عينيكِ خلف شجوني
هاك شهيقَ النزف من أوردتي..
وصيحةَ الجنونِ من سنابِكِ الوهم التي هشمت الصخر على عقولنا
ترينني ممزقاً!!..
ترينني ممزقاً ألثم هذا الشجرَ المحروقَ فوق جثتي
وأرقُبُ الغيابَ والخيولَ واللوعةَ في رجوعنا..
ماذا أرى؟! ماذا أرى؟!
عينيك؟! أم شرودنا؟! جفنيك؟! أم غابة أحزاني التي أخفيتُها
أخفيتُها بين بقايا البوح والعتاب والصراخِ المرِّ في حوارنا..
هاكِ شَغَافَ القلب يا جميلتي.. وما تبقى من شرابِ الأمس في كاساتنا المحطمة..
لا.. لا تعلني خطيئتي.. في ارتحالي صوب مرافئ أنسي الموهومِ..
لا تعلني هروبي وانبهاري بوميضٍ كان ساعة الرحيلِ دهاليز معتمة..
لا تعلني خطيئتي... فقد وُلِدْتُ هكذا..
بين ضلوعي مجرم.. وفي شراييني تصلي مجرمة..
ولا ..لا تنتظري مني سوى الهروب نحو صمتك المحفور في جدراننا العتاق..
لا.. لا تتركي قلبي ها هنا.. تعبت من منفاي يا رفيقة العمرِ البهي والعناق
وها أنا.. ألجأ نحو الحُلُمِ المرِّ الذي ابتَعَدْتُ عن عينيه ألف مرة
وما يزال دافقاً.. كلحظة انطلاق..
وها أنا أعود من منفاي.. حاملاً معي عينيك يا جميلتي.. وذروة الأشواق..
لا.. لا تلومي شهقة الروح.. إذا ما داعَبَتْ أوتارَ صوتي..
وحل الموت بكياني..
لا .. لا تلومي موتي البطيء إذا ما استمر بين يديك..
فهذا عهدُ زماني..
لا.. لا تلومي القدر إذا عاود اختطافَ روحي..
فبقايا كلماتي شوق لكِ...
وبقايا حشرجاتي .. نداءٌ لعينيك..
لا.. لا تلومي القدر.. إذا ما متُّ غداً..
لا.. ولا تنوحي.. فإني أعلن منذ الآن حبي الأبدي لك..
وأن الله قادر على إحيائي.. لأجلك..
وأن كل المسافات التي تنأى بنا .. بعضُ آلامي.. ونزفُ جروحي